صديقي العزيز -النيل-

 صديقي العزيز -النيل-

هل تشعر بي الآن!!.. أنا جالس أمامك من ساعات.. كل يوم أهرب إليك.. مني ومن نفسي ومن الناس.. وهم معي مهما حاولت الهروب.. أري فيك الصفاء والنقاء طول النهار .. ولكن عندما يأتي المساء لا أري منك إلا الظلمة والسواد.. كما هي الآن أمامي يتخللها بعض النور المعكوس من أعمدة الإنارة والمصابيح الملونة التي تحاول أن تعطي توهجاً لك ولكنها لا تستطيع.. فقط أنت تسيطر على المشهد وحدك.. ولكني أحبك..

أحبك لأني أشبهك لكن فقط كما فى الليل.. أشبهك فى أتساعك.. فى قدرتك على تحمل الناس والضوضاء من حولك .. بكل الذنوب والخطايا بداخلك.. مثلك متحرك فى مكاني.. فى مسار كتبه أحد غيري.. سائر فى طريق يصعب أن أحيد عنه.. لطالما فكرت فى السير فى عدة طرق أخري ولكنني لا أستطيع .. لا أستطيع أن أنفذ ما نويت على فعله.. فقط أفكر وأنظر .. هذا كل ما أستطيع .. لم أستطع يوماً أن أواجه وأن أتحدي قدري.. أنا ساكن.. عندما أنظر إلى نفسي فى المرآة.. لا أتخيل كيف أستطاعت كل هذه الأفكار فى داخلى أن تتعايش مع هذا الجسد.. هذا الذي لا يتحرك ولا يفعل شئ حتي هذا الذى يريد.. يتخلي عنه بأضعف الأسباب.. السر فى حبي لك هو أني أريد أن أتخلص من هذه الأفكار التي لا تناسب جسدي وأقدر على أن أرميها فى جوفك.. أعلم أنك سوف تحفظها فى داخلك .. فى أحد صناديقك أو أحد صدفاتك .. لا شئ يموت فى داخلك يا صديقي حتي وإن فقد الحياة..

أجي من مسافة طويلة لك كل يوم وحتي الآن لم أستطع أن أفعل ما أريد وأتخلص من هذه الأفكار .. هل لك أن تسحبها مني عنوة وهاأنا جالس أمامك .. وخلفي تماماً الحياة.. الحياة بكل معانيها وزينتها بأحلام العاشقين والأمل فى الغد.. بطموح الشباب وبراءة الأطفال.. لطالما أقسمت على حفظ أحلامي وفترة شبابي ولكني خنت العهد وما رعيته حق رعايته.. أنجرفت فى شهوات وما نلت شئ منها .. ياه لقد ضعيت عمري وأنا جالس لا أفعل شيئاً.. ماذا أخذت من مراقبتك ومراقبة الناس من حولك.. لماذا أنا وحيد هكذا.. ومالي أنا ومال الناس وما يقولوا.. وما كانوا معي يوماً فى حياتي.. لقد كانوا على الضفة الأخري وأنا بالكاد أنظر إليهم.. مالك يا صديقي تثير في الأحزان.. تطلق من صدري الشجون.. كيف لي أن أعيش فى هذا العالم وأنا بكامل الضعف.. أنت أيضاً ضعيف منذ قيدوك ووضعوا الأصداف عن يمينك ويسارك.. وأنت أستسلمت بسهولة.. لا تستطيع حتي التحكم فى مياهك.. هل تشعر بالضعف أم أنك مثلي تكتم غضبك وحزنك العميق فى داخلك بعيداً عن أعين الناس.. الحياة فى داخلك مجرد وهم تعيشه مثلي تماماً.. والحياة من حولك مجرد كذب وخداع نعيشه معاً.. متي نثور -غربية هذه الكلمة- متي نستطيع أن نتحكم فى أقدارنا -هذه أغرب- ..

لماذا ألتزمت بالقوانين وسيرت خلف التعليمات.. أين جنون شبابي.. لماذا أحتفظت به.. ماذا أفعل به وأنا عجوز عاجز.. لكن أنا فشلت حتي فى الجنون.. فى الخروج عن أفكاري التي تأكل من روحي يوماً بعد يوم.. أنا آسف أني جئت إليك.. جئت لعاجز ليخرجني من عجزي.. جئت لعاقل ليُخرج لى جنوني.. أنا آسف على ضياع وقتي علي شطك.. ماذا أفادت الشكوي يا صديقي .. لقد ظلت أفكاري بداخلي وظلت الحياة تسير بدوني..

**معك تختلط أفكاري بعواطفى.

عن الحب

فقط رسمها أشعرني بالحنين وبالحب.. كانت قريبة ولم أستطع لمسها ولا حتى النظر في عينها..ولكني أحسست بسعادتها ونبضات قلبها.. حتي في جلستها المعقودة كضفيرة فتاة صغيرة.. والله لم يسهل علي أبداً أن تجلسي وحدك.. خذلتني أقدامي في السير إليكِ.. سامحني

عن السعادة



لحظات من السعادة تتمتع بها.. وانت تعلم انها قليلة ولكنك تجاهد نفسك في ايجادها.. لا تتوقف كثيرا عندها.. ستجهد نفسك في فراغ. . فراغ زائل.. الفراغ الذي بداخلك ليس الا وهم.. نابع من فراغ اخر.. النفس تواقه الي المزيد دائما من اللذات والشهوات ولا تنتهي.. السعادة تكمن في التغلب علي الملذات غير الامنة المتوغلة في اعماق القلب البعيدة عن الرؤية..

السعادة في احلام قابلة للتحقق.. وفي واقع يُعاش علي أنفاس من الحب في عمل الخير للقلب.. في الحفاظ عليه من دنس الحب المراهق الذي لا يطمح الا استجابة لرغبة جسدية عقيمة وراحة عقلية مؤقتة.. خالية من الحب ذاته.. السعادة تكمن في ابسط تفاصيل الاشياء التي نعيشها ومع ذلك لا تهتم بها الا بعد فقدها والندم علي فواتها.. السعادة كلمة كبيرة لا تاتي الا من قلب صادق مفعم بالامان.. والامان في حفظ الله لك..

..عزيزتي

أسعد كثيراً عندما أقرأ كلماتك، أحسها نابعة من فيض يتسم بالجمال والعطاء، من قال أنك أخذتي من الهاء ضعفها، لا يمكن أن تقول ذلك علي نفسك، أنت كمشكاه نور، تعطي ولا تبالي، وهذا لا يعني ضعف أبداً، الضعف يكمن في الأخذ لا العطاء، وهذا الفيض من .عطاء الكلمات الذي لا ينفذ عنك، إنه مجرد بناء لقصيدة جديدة في الحياة، وما أقل تلك القصائد

لم أتمالك نفسي يوم قرأت أول مرة لك، تلك الجمل التي تتكلم عن الحروف واللغة، لقد سحرتني، لم أنم يومها، كيف لم أفكر يوماً في الحروف بهذا الشكل، كنت أظن أني عاشق للغة وللحروف والقوافي، ولكني أيقنت بأني لست سوي عابر لفتت نظره عيون امرأة جميلة في الطريق فتوقف لحظة ثم مضي في طريقه، أما الآن فنظري إلي الحروف يختلف تماماً بفضلك.

الآن لم أعدك أكتب الشعر كالسابق، نعم توقفت، لم أكن يوماً شاعراً، كنت فقط راصً للكلمات، عرفت يومها أن الشعر أكبر مني وأعظم من كلمات، فلابد أولاً أن أصنع الشاعر في داخلي ثم أبني قصائدي.

شكراً لك، ولكلماتك، وتلك العبارات التي تعرف طريقها إلي القلب.



عزيزتي.. الحياة أجبرتني على السير عكس ما كنت أرغب، عكس إرادتي، هبة الله لي.. لسوف تكون الحياة خصيمتي يوم القيامة، لقد كسرت قلبي..  تعرفين ما...