عزيزتي..

منذ كتبت الرسالة الأخيرة وأنا أتألم، صعب أن تعترف وتقول الحقيقة، علي عكس ما عرفت سابقاً أن الحقيقة تريح القلب، وكما قلت سابقا الحقيقة مؤلمة، ولكن الصدق ينجي صاحبه، وهذا كان اتفاقي معك منذ البداية، ولكني لم ألتزم به، صعب أن أحكي لكي مثلا أني رأيت يوماً بنت في غاية الجمال ونظرت لها طويلا، و وددت أن تقع في غرامي بينما أنا أبتعد عنها ولا أنظر لها.

اليوم في خطبة الجمعة كان الخطيب يتكلم عن النساء بما جاء في سورة الأحزاب، لا أعرف لماذا أعتقدت أنه يتكلم عني وعنك، لا أعرف لماذا أتهمني بالبعد عن الشرع، لاحظت ذلك، كنت أود أن أقول له أني لم أراها إلا من بعيد، وأني لم ألاحظ حتي لون عينها، لكني وقعت، أصبحت كالسائر في نومه، لا يعقل شيئاً، سلبتي مني عقلي، وجريت نحوك أطلب يديك، لكني أدركت كم العقبات من حولي، مقيد لا يستطيع فك قيده، قيدت بحدود لم أشارك في رسمها، وأناس من حولي عبدوا التراب وحكموا الأصنام، وأنا مازلت كافراً بها وبهم، لم أتخيل نفسي يوماً خائناً، أردت فقط أن أكون بجانبك، ولا تملي مني،

قالت لي أختي صباحاً حين كنا نتحدث، أننا لو الغياب الطويل الذي باعد بيننا، لما كنا بهذا الصفاء مع بعضنا البعض، قالت أنها تحتاج إلى أوقات لا تري فيها أحداً، وابتسمت من صراحتها، ودعوت لها أن يرزقها الله بمن يفهمها، فقالت أنها تريد من يحبها، وبسذاجة رخيصة أجبت عليها بأن الحب ليس كل شئ، وأن يفهمها زوجها أفضل من أن يحبها، ولا أكذب حين أقول أني أريد أن أحبك حب أمتلاك، أريدك معي دوما، لا يغيبين عني ولو لحظة، أريد أن تكوني لي بكل ما فيكي، كما كنت أنا، هذه هي الحقيقة أريد أن أمتلك ولو لمرة واحدة، وأريد أن تكوني أنتي هذه الواحدة..

عزيزتي..

هناك بيت من قصيدة مشهورة تقول.. لابد لليل أن ينجلي، لابد للقيد أن ينكسر.. أعتقد أنها لأبي القاسم الشابي على ما أتذكر، لكن بعيداً عن القصيدة كنت دوماً أتسائل عن الليل والقيد .. أي ليل وأي قيد فى حياتي.. هل الليل هو الذى أسعد بقدومه كل يوم، ولطالما سعدت بالليل والسهر والنظر إلى وجه القمر والنجوم، والذى لابد لى أن أقضيه معكِ خارج البيت أيام اكتمال القمر.. هل القيد هو حبى لكِ وتعلقي بأفكاري .. هل ينبغي لهذا الليل أن يرحل ، هل ينبغي لهذا القيد أن يتحطم.. هل ترحلين يوماً فجأة من حياتي كما دخلتِ فجأة.. هل يوماً سأكون بحاجة إلى التنازل عن أفكارى.. أنتِ وأفكارى كل ما أستطعت أمتلاكه فى حياتى..

هل تذكري يوم قلتِ لى أن الافكار هى من تصنع الإنسان وبناءً عليها يقول ويفعل، تذكرت حينها الليل والقيد.. أنا الشعب يا حبيبتي.. لكن القدر لم يستجب لي.. ليلتها لم أنم، لقد فهمت، لقد كنت المقصود من المغزى، كانت أفكاري يومها بين أصداف الحديد غارقة فى بحار عقلي.. أدمنت الخيال حتي نسيت الواقع ويجب علي العودة ولكني فقدت طريقه أيضاً.. هذا هو القيد الذي لابد له أن ينكسر.. الجنون فى داخلي سحب حتي انفعالاتي الخارجية .. كل من يراني يرى الهدوء، لكنه يعمي عن رؤية الإعصار فى عقلي.. حتي أنتِ.
أخيراً أهدي لكِ هذا البيت من نفس القصيدة..

" إليكِ الجمال الذي لا يبيـد إليكِ الوجود الرحيب النضر "..

عزيزتي.. الحياة أجبرتني على السير عكس ما كنت أرغب، عكس إرادتي، هبة الله لي.. لسوف تكون الحياة خصيمتي يوم القيامة، لقد كسرت قلبي..  تعرفين ما...