تمرد بسيط حاولت أن أُحدثه اليوم، لم أذهب إلى العمل، أستيقظت برغبة جنسية قاسية، وذكريات مؤلمة، جسد مُتعب شديد الإنهاك، وعقل يرفض أن يتوقف عن التألم، يرفض أن يستعيد حياته الحقيقية، وليس تلك المُتخيلة الكاذبة.
ببساطة ذكرت اسمها، اسمها المميز، على اسم زهرة نادرة، وتذكرت معها كل البنات اللأتي أحببتهن، لقد عانى قلبي كثيراً من هذا الإنغماس فى حب من طرف واحد، لم أصدق ذلك الوصف غالباً، كنت أعتقد أني أحب وهذا يكفي، ولم أستطع أن أصدق نفسي.
أحببتهن، وكانت لكل واحدة منهم اسم مميز جداً، لا أعلم حقيقة هذه المصادفة ولكنها حدثت، وكن مؤانستي فى وحدتي، وكنت أكلمهن وأشكي لهن وحدتي وفقري، غربتي وألمي. أحببتهن، أحببت وجوههن الحسناء وغموضهن، وأحياناً عهرهن وتبرجهن. لم أكلم إلا واحدة فقط، وتقريباً عرضت عليها الزواج، ولكنها ربما وغالباً رفضت، لانها ببساطة لم ترد على سؤالي..
تمردت وبدلاً من الإستيقاظ الساعة الخامسة فجراً قمت من السرير الساعة الثانية عشر ظهراً، مع تقلباتي الغير مريحة، وظهري الذى أصبح يؤلمني بشدة منذ فترة. وذكرياتي، وألبوم صوري، وأحلامي، أحلامي التى رحلت وتلك الجديدة التى تسلك مسار السابقة منها، وكما نقول دائماً أن لكل شئ نهاية، مهما حاولنا تغيير ذلك.
أهلكت نفسي بمشاعر ودموع وصور قديمة، وكما تمنيت دوماً لو كان لي على كل ناصية حبيبة وصديق، وليس هكذا تتحقق الأمنيات ولا الأحلام، هنا حياة تسخرمنا. وهناك حبيبتي التى كنت أناديها ب صديقي العزيز، وكم كانت غالية هنا فى خيالي، لأنه لم يكتب لي القدر أن أراها، كنت أريد أن ألمسها، حقيقةً وليس مجازاً، كنت أريد أن أحضنها، حقيقةً وليس مجازاً، كنت أريد أكثر من ذلك، كنت أريد أن أخترق قلبها، وأسكن هناك، وبلا أي رغبة فى مغادرته..
لم أستمع إلى الموسيقى لفترة طويلة، كانت سنوات طويلة من العفة، ولكني سمعت مصادفةً هيثم شاكر يغني كنت مداويني كنت بأقل كلام بتقدر تحتويني، أول ما أضيع كنت الوحيد اللى يلاقيني. ولشهور حتى الآن أسمعها ولا أستطيع أن أمنعها عن نفسي.
أقرأ الآن كتابين أحدهما سيرة ذاتية للفيلسوف الفرنسي سارتر اسمه الكلمات كتبه بنفسه عن ذكريات طفولته وعلاقته بأمه وجده وبالكتب، أنهيت القسم الأول منه وكان بعنوان القراءة، وباقي قسم أخير فى الكتاب بعنوان الكتابة وأنا متشوق جداً لمعرفة ذكريات الفيلسوف مع الكتابة، كيف بدأت وكيف نمت مهاراته الكتابية، وهو الذى نشا بين الكتب فى مكتبة جده الكبيرة.
عقلى مضطرب، كما كان دوماً، لقد فوت نابي فى حصة عقلي، منذ بدأت مراهقتي وأنا أشعر بألم شديد فى رأسي، يمنعني كثيراً عن الحياة، الحياة التى تسخر مني، وفوتت علي كل شئ. ومع ذلك صنعت عالمي الخاص، لم أحقق كل ما تمنيته ولكني صنعته، أخترت الوحدة، ويوماً ما سأختار الغربة عن كل شئ أعرفه ربما، ولكني لن أستطيع الهرب، لأني أطلب من الله أن يحفظ ذكرياتي، هذه التي صنعتني، أتكلم وأكتب بها، أنا بدونها لم أُخلق.
هذا التمرد الذى صنعته لن يجدي فائدة ملموسة، فغداً سأرجع إلى عملي الذى لا أحبه، وحياتي التى لا تناسبني، وسيبقى الألم مهما حاولت الإستمرار ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق