الأقصر 2019

طلبت مني أن أصحبها فى رحلتي، فوافقت مُرحباً بصحبتها.. طلبت مني تصويرها عبر تلك الممرات، وبين هذه الأعمدة الشامخة، والمسلات، والتماثيل، وعند بحيرتها المقدسة، وهرمها المدرج، ومقابر الملوك، وسلطانهم المقيم، وعند معشوقتها الفريدة حتشبسوت.. تحت شمس أكتوبر المترددة كانت تضع على رأسها قبعة بحواف مزخرفة، تضع يدها عليها فى معظم الصور.. تسبقني فى كل خطوة كطفلة، تلتفت وتضحك، ماذا كانت تحب فى هذه الحجارة، وأنا كالملهوف ورائها أسعى، تختفي ثم تظهر، تتكلم وتُشرق، تسبقني وتقول أنظر إلى هذه القطعة الفريدة ليس لها مثيل فى العالم، هذه ليست فى مكانها الأصلي، هذه البحيرة تشفي الأسقام، هناك عبر هذه السراديب سرق اللصوص أعظم ما أبدعه الفنانون والمهندسون، هنا تولى العرش ابن الفرعون المارق، هذا الجعران تميمة الحظ عندهم، هذه المسلة مكتوب عليها تاريخ تحتمس الثالث، مقبرة توت، وبيت العزيز كارتر.. صورها فارغة، كيف هربت من صوري، من عدستي التي رصدتها مبتسمة تحت حرارة الشمس، هل يوجد سبب واحد لجعل هذا ممكن الحدوث.. هل كانت وهم أسعى خلفه عبر كل تلك الأيام التي قضيتها هناك، ماذا عن كل هذه الأحاديث الطويلة عن الحضارة والفن والجمال والدين، هل كنت أحدثها بحق، أم أني كنت أُحدث نفسي، فى تيه معاها، هل كانت خيال يعبث بعقلي.. لقد كانت هناك، كنت أراها بيقين، فى أماكنها الأثيرة، فى خفتها وإبتسامتها.. كنت أسمع صوتها بوضوح عبر الردهات، بصدى داخل الحجرات..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عزيزتي.. الحياة أجبرتني على السير عكس ما كنت أرغب، عكس إرادتي، هبة الله لي.. لسوف تكون الحياة خصيمتي يوم القيامة، لقد كسرت قلبي..  تعرفين ما...