مازال عندما يجلس معها يبوح بكل البساطة والحرية، رغم أنها أنثى.. كم هو صعب على الرجل أن يبوح بأشياء معينة لامرأة سواء كانت عذراء أو ثيب.. يحكي كأنه يتكلم مع نفسه..
كم قرأ عن الغرف المغلقة التي تُغلق على الرجل والمرأة، وكل كاتب حسب خياله الجامح يكتب ما يحدث وما لا يحدث وربما كتب عن أشياء لن تحدث مطلقاً.. لم يكن لديه وقائع عاشها كي يقيس عليها مدي الصدق أو الكذب الذي يحدث، وغالباً مال لتلك الروايات عن العشق والهوى لأنه أدرك حقاً أنه لم يعش كما ينبغي، بعيداً منعزلاً بلا أي قيود داخل زنزانته الأبدية التي خُلق لها.. ربما حدث ذلك..
لقد بكيت كثيراً أمام المسرحية الهزلية، وضحكت أكثر أمام جدية الحياة.. ولا أعرف كيف يجتمع الاثنين فى واحد، هل فعلاً يختفى الجنون مع العقل، والهذيان مع الجدية.. فى الغرفة المظلمة الرجل ينشد الخلود، يتمنى أن يلمس السماء حين يلمس جسدها، ولكن أفكاره تعترضه موجهة عينه نحو ما يلاقيه فى حياته، وفى تلك الشجرة التى لمسها ولم يلمس الخلود كما وجهته وساوسه، تفكر لو منعته امرأته عما أقدم عليه، كان عليها أن تحظره، وربما فعلت وهو لم ينتبه، شغلته بروحها السابحة فى محيط من السحب الشديدة البياض أو تلك الممتلئة بالسواد التى توشك على الوقوع..
استيقظ وشرب قهوته.. ثم مال برأسه لينظر نحوها كانت خاوية ومظلمة.. كيف التهمته، ولما سمح لنفسه بأن يشغل تلك الغرفة كل هذه السنين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق