إلى هى..
أعلم أني أكتب إليك كثيراً هذه الأيام.. لأني أفتقدك وأفقد صورتك الجميلة شيئاً فشيئاً،ولابد أن أعوض غيابك، مرت شهور منذ رأيت أخر مرة، آسف لأني رحلت عن المكان الذي كان يوماً يجمعنا سوياً بلا قيود وبلا أى شبهة، قدراً ذهبت لكي أراك وأحبك وأتعذب لفراقك، ياليتني قابلتك في حياة أخري غير هذه، في دنيا أبوابها مفتوحة لمن يريدها، بلا حدود أو حراس وبلا سلطة تسعي ورائنا، أرض خاوية وقاحلة نحولها معاً لجنة صغيرة تحت شجرة عتيقة، تحت شجرة الخلد، أعلم أني مقيد، مقيد بقوانين وضعها عبيد، أناس قدسوا التراب، وعبدوا الأسلاك الشائكة، وختموا علي جلودهم شعارات زائفة يموتون من أجلها، سجناء قسموا الزنزانة بينهم وأقنعوا أنفسهم أنهم يملكون شيئاً ويجوز توريثه..
لم أرتكب هذه الخطيئة معهم، ولكني اليوم شاهد على المعصية، بداخلي حق يرفض لساني النطق به، ضعيف أنا لم أستطع أن أنطق بحبك، خوف عميق يقيدني من الداخل، أريد الهرب والفرار، وأعترف لست من الشجاعة لأفعل، آسف لك ولقلبي، عند العاصفة أختفي فى كومة من قش، أغرق في أحزاني، وما أكثر أحزاني، وطفولتي التعيسة التي زرعت في الخوف والضعف والبعد عن الناس..
كنت عندما أراك أنسي نفسي بكل ما تحمل الكلمة من معني، تظهر شخصية البطل الوهمية فى داخلي، أنت وحدك أستطعتي أن تظهري الجانب الخفي مني، ولكن الآن أين أنت، أعترف أني كنت أسرق النظرات ليك، وما سرقت قبل ذلك أبداً، راقبتك طويلاً ورصدت ردود أفعالك وتعاملك اللطيف مع الناس، كنت أعالج نبض قلبي ليتحمل الوقوف أمامك، ولكني فشلت، فشلت حتي في السلام، ليتني فشلت فى النظرات، ونقضت العهد مع قلبي بأن يبقي فارغاً، غيابك طال، والزمن قصير، وأنا لابد أن أذهب لأخترق الحدود وأجول في الزنازين الأخري، لعلي أجد نفسي، لأهتدي للصراط المستقيم، ولكني أحتاجك لثبات علي الطريق، هذه فقط دفعه للصبر، أخبرتني أحلامي أني سأظل وحدي، والأحلام إذا فسرت وقعت، سأبقي للأبد غريب حتي لك، عابر سبيل في دنيا الله، لا أعرف المقام، بمتاع صغير، وقلب يحمل البياض لا ينتظر الأكل من شجرة الخلد، سأكون كما أريد لا كما يريدون، سأخرج من الطابور ولن أخذ الفتات..
ضاع عمري في روتين يومي من أجل لاشئ.. لا.. كانت برمجة للعقل من أجل الإستعداد للخدمة، لأقول نعم بلا أي تفكير، وفجأة ينتهي العمر، بلا أحلام أو آمال، ومع نهاية العمر ماذا أقول لأولادي!!.. ماذا أقول لنفسي!! كيف عشت وكيف ضيعت!!
آسف أثقلتك بمخاوفي و أنت لن تقرأي.. أنت في داخلي، خيال، شبح جميلة من أيام مراهقتي، أخاف أن ينمحي، أنت ذكري علي وشك النسيان، آسف لك علي كل الأحلام التي لم تتحقق، الحقيقة أن السجن بدأ يضيق، وعقلي لم يعد يستحسن القيد، أما جسدي فلم يعد هنا، رحل ولم يراعي العمر الذي قضاه معنا..
أخيراً الأعتراف يريح، يزيل عنك أحمال تثقلك بلا طائل.. وهذا أول أعتراف.. وما يحدث فى القلب يبقي هناك.